وائل بدران (أبوظبي)

أكد براين هوك، المبعوث الأميركي الخاص لإيران، ومستشار وزير الخارجية الأميركي، أن واشنطن بفرضها الحزمة الثانية من العقوبات أمس على النظام الإيراني، التي استهدفت القطاعين المصرفي والنفطي، إلى جانب هيئات وأفراد وسفن، تكون أعادت جميع العقوبات التي تم إعفاء طهران منها من قبل الإدارة الأميركية السابقة بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015، مندداً بإفقار وسرقة الشعب الإيراني من قبل النظام، ومواصلة أنشطته الخبيثة في أنحاء المنطقة.
وأوضح هوك في مؤتمر صحفي عبر الهاتف من واشنطن شاركت به «الاتحاد»، أن الهدف من إعادة هذه العقوبات التي تعتبر الأقوى حتى الآن، هو إضعاف قدرة النظام الإيراني على تمويل أنشطته العنيفة واسعة النطاق التي تخل بالوضع في الشرق الأوسط، مؤكداً أن إيران أضحت تواجه ضغوطاً مالية غير مسبوقة الهدف منها هو دفعها إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى معاهدة تحول دون حصولها على أسلحة نووية، ووضع حد لتدخلاتها الخبيثة في الشرق الأوسط.
واستطرد: «إن أكبر معرقل لوصول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية للشعب الإيراني هو النظام في طهران، فهو يوجه الأموال المخصصة للمساعدات لنفسه ولمساعي الحرب التي يقوم بها».
واعتبر أن النظام المالي العالمي أضحى يتفادى التعامل مع النظام المالي الإيراني لأن طهران تستخدم نظاماً غير شفاف لتخفي أين تسير أموالها بعيداً عن شعبها، وعن المجتمع الدولي.
وقال هوك الذي شغل سابقاً منصب مستشار سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة: «إن النظام الإيراني يسرق أموال شعبه، وينفق 4.6 مليار دولار سنوياً على نظام الأسد، والحوثيين في اليمن، والقائمة تطول»، مضيفاً: «الواقع أن هذا النظام لديه أموال كثيرة ليستثمرها لمصلحة شعبه، ولديه الموارد المالية والإطار الضروري لإيصال المساعدات لشعبه، لكنه يخفق في هذه العملية الأساسية من إدارته للحكومة». وتوقع أن يستجيب النظام الإيراني إلى الضغوط الاقتصادية الكبرى التي تمارس عليه في مرحلة ما، معرباً عن ثقته في أنه تحت وطأة الضغوط سيعود النظام إلى المفاوضات.
وقال «لديهم كل الأسباب الداعية للعودة إلى مائدة المفاوضات، فإيران تواجه حالياً ظروفاً اقتصادية أصعب مما كانت تواجه قبل رفع العقوبات عنها، وقد خسر الريال جزءاً كبيراً من قيمته بسبب سوء إدارة الرئيس روحاني».
واستطرد: «إن الشعب الإيراني خسر ثقته في النظام»، لافتاً إلى أن الإيرانيين يخضعون لآثار سوء الإدارة الاقتصادية على مدى 39 عاماً والمشاكل الاقتصادية سببها النظام وليس الولايات المتحدة».
وأكد أن النظام في إيران أُعطي أفضل الفرص من الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى علاقة أفضل، وحصل على إعفاءات بأكثر مئة مليار، لكنه ضيّع هذه الفرص، وبدلاً من إنفاق هذه الأموال على شعبه أنفقها على الحروب الطائفية في سوريا والعراق ولبنان.
وراهن على وعي الشعب، لافتاً إلى أن هناك مطالب داخلية بتذكر إيران ونسيان سوريا والعراق، إلى جانب المطالب في عشرات المدن الإيرانية ببنى تحتية ومدارس ورواتب أفضل ومياه وهواء نظيف وإدارة أفضل للأراضي، تفادياً للجفاف.
وندد بردود فعل النظام الإيراني العنيف على هذه المطالب.
وأفاد بأنه منذ التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، سرّع النظام من أنشطته التخريبية ودعم الإرهاب، وتعزيز الصراعات الخارجية، لاسيما في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، إلى جانب تطوير برمجها للصواريخ الباليستية.
ونوه ردّا على سؤال لصحيفة «الاتحاد»، إلى أن الضغوط الاقتصادية ستستمر إلى أن يقتنع نظام الملالي في إيران بأن عليه وقف دعم الإرهاب.
وقال: «خلال الأشهر الستة الماضية، كنا نستعد إلى إعادة فرض العقوبات، وخلال تلك الفترة رأينا دعماً كبيراً وتعاوناً واسعاً لدعم هذه الحملة، إذ توقفت أكثر من 20 دولة كانت تستورد النفط الإيراني قبل مايو الماضي، عن شراء النفط الإيراني، استجابة لعقوباتنا». وتابع: «إن أكثر من مئة شركة انسحبت من إيران، أو ألغت استثماراتها هناك، وهو ما أدى إلى خسائر بعشرات المليارات للنظام الإيراني». وذكر أن الأسواق شهدت خروج مليون برميل يومياً من النفط الإيراني، منذ إعادة العمل بالعقوبات في مايو الماضي، وهو ما أدى إلى خفض القدرات المالية للنظام بنحو ملياري دولار، مشدداً على أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب الإيراني الذي يطالب بكرامته وحقوقه، ولطالما كان ضحية لسوء الإدارة الاقتصادية.
ولفت إلى أن العقوبات تستهدف النظام وليس الشعب الإيراني، ولا تستهدف المساعدات الإنسانية، وخصوصاً الغذاء والدواء والأجهزة الطبية، على الرغم من أن النظام يحاول استغلال العقوبات لإبعاد الأنظار عن فساده وسوء إدارته».
وشدد أن الهدف هو وقف صادرات النفط الإيرانية والوصول بها إلى «صفر برميل»، وفعل ذلك بطريقة تضمن استقرار وتوازن سوق النفط، وقال إنه على الرغم من خروج مليون برميل يومياً من النفط الإيراني، إلا أنه أمكن تعويض هذه الإمدادات من خلال دول أخرى، منها السعودية والولايات المتحدة وروسيا والعراق. وأعرب عن ثقته في أنه من الممكن تقليص صادرات النفط الإيرانية مع الحفاظ على استقرار الأسواق. وأضاف: «نسعى إلى وقف التدخل الإيراني في أنحاء المنطقة بالسبل الدبلوماسية والردع والضغوط الاقتصادية إلى جانب دعم الشعب الإيراني».وحذر هوك من أن واشنطن لن تميز بين النظام الإيراني والميليشيات المدعومة من قبله في العراق وسوريا في حالة استهداف أي من المصالح الأميركية في المنطقة، ووعد الرئيس بإجراءات سريعة وحازمة تجاه أي جهة تستهدف المرافق الدبلوماسية والنظام يفهم أننا نتعامل بكل جدية وحزم مع هذه الأمور. وقال: «إن الوجود الإيراني في سوريا يعرقل التوصل إلى اتفاق هناك ووضع دستور جديد وتنظيم انتخابات من خلال عملية سياسية»، وأضاف: «سنجمد أية مساعدات لعملية إعادة الإعمار في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة نظام الأسد، بينما نسعى إلى إخراج القوى المدعومة من إيران من سوريا». وقال «نعمل جاهدين لمنع أي فرد أو دولة أو جهة من تخفيف حدة عقوباتنا على إيران»، مضيفاً: «فرضت أميركا عقوبات على 50 مصرفاً إيرانياً وفروعها ونتوقع أن كل المصارف الأوروبية ستتفادى أية تعاملات مع هذه المصارف». وتابع: «وجدنا دعماً وتعاوناً من قبل المؤسسات الأوروبية والمؤسسات المالية الأوروبية، وهناك تعاون عن كثب مع القطاع الخاص في أوروبا». وأضاف: «إما الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة أو إيران»، منوهاً إلى أن القرار سريع جداً بالنسبة لرجال الأعمال، ونتوقع تعاوناً كاملاً مع العقوبات المفروضة.